الجمعة، 5 ديسمبر 2014

النقوش الإسلامية على طريق الحج الشامي بشمال غرب الجزيرة

خواتيم الكتب - كتاب: النقوش الإسلامية على طريق الحج الشامي بشمال غرب المملكة العربية السعودية (من القرن الأول إلى القرن الخامس الهجري)
تأليف/ د. حياة عبدالله الكلابي

في خاتمة هذا الكتاب تستعرض الباحثة أهم النتائج التي توصلت إليها، وهي تنحصر في النقاط التالية :

* تمثل آثار طريق الحج الشامي على اختلاف أنواعها جانباً كبيراً من الآثار الإسلامية الباقية في شمال غرب المملكة العربية السعودية، وتمثل النقوش الكتابية الإسلامية التذكارية أهم أنواع هذه الآثار، وغالبية هذه النقوش قام بتنفيذها الحجاج والمسافرين السائرون على الطريق تخليداً لرحلة حجهم، ووصولهم إلى الديار المقدسة، وبعضها نفذه السكان المحليون.

* تتضمن هذه النقوش بالإضافة إلى أسماء أصحابها جملاً دعائية، وعبارات دينية ذات صيغ مختلفة مثل: التصريح بتوحيد الله، والاعتراف بربوبية، والإقرار بالولاء له، وبالتوكل والاعتماد عليه، والتصريح بمحبته وخشيته، وبالثقة والاعتصام به، والاعتراف بمآل الأمور إليه، ودعاء بطلب الرزق، والمغفرة، والتوبة، والجنة، والرحمة، وصحبة الله في السفر ورعاية أهل المسافر في غيبته، وطلب الاستشهاد في سبيل الله، وطلب الراض من الله والصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم، وصيغاً لإثبات المرور بالمكان أو الحضور إليه، أو إشارة إلى كون صاحبها في رحلة ذهاب إلى الحج أو عودة منه، أو إشارة إلى بلده التي قدم منها، كما يتضمن بعضها وصايا موجهة لعموم المسلمين المارين بالطريق تحثهم على تذكر الموت، وتقوى الله، والرضا بما قسم.

* بلغ عدد النقوش التي تمكنت الباحثة من حصرها على مسار طريق الحج الشامي الممتد من حالة عمار إلى المدينة المنورة أربعمائة نقش، وبعض هذه النقوش مطموس طمساً تاماً بفعل عوامل التعرية أو عبث المارة. يضاف إلى ذلك مجموعة أخرى من النقوش موجودة في العلا وما حولها ليست من عمل الحجاج والمسافرين على الطريق وإنما من عمل سكان وادي القرى.

* يعد مجموع نقوش طريق الحج الشامي قليلاً مقارنة بعدد الذين ساروا على الطريق خلال الفترة التي دونت فيها النقوش، مما يسمح بالقول بأن تنفيذ النقوش التذكارية على الطريق لم يكن يستهوي الكثيرين من السائرين عليه.

* غالبية نقوش طريق الحج الشامي غير مؤرخة، إلا أن تاريخها يمكن إرجاعه إلى الفترة الممتدة من القرن الأول إلى القرن الخامس الهجري اعتماداً على ما تحمله من خصائص خطية ومضامين كتابية، وعن طريق مقارنتها مع النقوش المؤرخة من تلك الفترة، سواء وجدت على طريق الحج الشامي أو في أماكن أخرى.

* بلغ عدد النقوش المؤرخة على طريق الحج الشامي أحد عشر نقشاً، سبعة منها مؤرخة بفترة القرن الأول، والأربعة الباقية من القرون: الثاني، والثالث، والرابع، والخامس للهجرة، بواقع نقش واحد من كل قرن. يعد نقش زهير (النقش رقم 1) المؤرخ بسنة 24هـ ذا أهمية بالغة، لأنه أقدم نقش إسلامي مؤرخ يكتشف حتى الآن.

* مورست عادة تنفيذ النقوش التذكارية من قبل المسافرين على طريق الحج الشامي خلال الفترة الإسلامية المبكرة الممتدة من القرن الأول إلى الخامس الهجري، وتوقفت بعد ذلك التاريخ إلا حالات محدودة تعود إلى نهاية العصرين المملوكي والعثماني.

* تتوفر النقوش الكتابية الإسلامية على طريق الحج الشامي في أماكن التضاريس الجبلية وتقل، وأحياناً تنعدم، في الماطق المنبسطة، وفي السهول والقيعات الواسعة، ولذا فإن النقوش تنعدم في جزء الطريق الواقع بين حالة عمار وتبوك، وتتوفر على جزء الطريق الواقع بين تبوك والحجر، وتزداد بكثرة في جزء الطريق الواقع بين الحجر والمابيات، وتندر في جزء الطريق الواقع بين المابيات وذي المروة، وتنعدم مرة أخرى في جزء الطريق الواقع بين ذي المروة والمدينة المنورة.

* وجود النقوش الكتابية الإسلامية في عدد من المواقع على مسار الطريق جنباً إلى جنب مع النقوش العربية القديمة المكتوبة بخطوط: المسند، واللحياني، والثمودي، والنبطي يؤكد أن طريق الحج الشامي كان في الأصل أحد مسارات طريق التجارة العربية القديمة.

* تشمل مواضع الطريق التي نفذت فيها النقوش: مواقع المماسك الطبيعية للمياه، ومواقع الظلال، والصخور البارزة على مسار الطريق، ومنازل الطريق التي تشكل نهاية مرحلة، ومواقع الاستراحات المتوسطة بين المنازل الرئيسة.

* أسفرت دراسة مواقع النقوش عن تحديد أربعة مواقع استراحة لقوافل الحجاج خلال الفترة الإسلامية المبكرة بين المنازل الرئيسة التي ذكرتها المصادر على الطريق. وهذه المواقع هي: الأوجرية، الصاني، البريكة، أبو طاقة.

* تمثل نقوش طريق الحج الشامي التذكارية الآثار الوحيدة التي تركها مستخدمو الطريق من الحجاج والمسافرين في حين أن بقية آثار الطريق منشآت وعمارات أقامها الحكام والولاة المسلمون.

* كانت نقوش طريق الحج الشامي التذكارية تسمى عند أصحابها (شهادة)، حيث ورد هذا المصطلح في أحد النقوش المؤرخة بسنة 83هـ (النقش رقم 5).

* استخدمىت بعض صيغ هذه النقوش مثل (الله ولي فلان) أو (الله ثقة فلان) في عبارات التوقيعات الشخصية وأختام الأفراد في الفترة الإسلامية المبكرة، ولذا فإن بعض هذه النقوش يحتمل أن يكون شهادة وتوقيعاً تذكارياً بنص الصيغة التي يحملها ختم صاحبها.

* تحوي نصوص النقوش، بالإضافة إلى العبارات الدينية والجمل الدعائية، مضامين اجتماعية.

* تضمنت نصوص النقوش أسماء عدد محدود من الشخصيات المعروفة أو المنتسبة إلى أسر مشهورة كعلي بن عبد الله بن عباس، وعبد الرحمن بن سعد بن معاذ الأنصاري، ومحمد بن سعيد بن الحارث بن نوفل بن عبد المطلب، وإسماعيل بن الحسن الزبيري، وجعفر بن إسحاق الزبيري.

* تضمن العدد الأكبر من نقوش طريق الحج الشامي أسماء وألقاب وكنى شخصيات إسلامية غير معروفة ولا يرد ذكر لها في المصادر وكتب الرجال.

* يمثل المكان المعروف بدربب الحاج الواقع بين الحجر والمابيات الموقع الذي تتجمع فيه أكبر كمية من النقوش الكتابية الإسلامية على طريق الحج الشامي.

* بعض نقوش طريق الحج الشامي افتتح بالبسملة وختم بعبارة آمين.

* تضمنت بعض نقوش طريق الحج الشامي دعوة إلى قراءة النقش المكتوب ودعاء بالرحمة لمن يفعل ذلك من المارة.

* وردت في نقوش طريق الحج الشامي تسعة ألقاب هي: الأمير، هلال الدولة، سيف الدولة، مولى، مولى الأمير، فتى، غلام، عبد، عبد الأمير، ولقب مولى هو أكثر الألقاب وروداً في هذه النقوش.

* وردت الأسماء في نقوش طريق الحج الشامي مفردة وثنائية وثلاثية ورباعية وخماسية، وتضمنت أسماء وكنى ونسباً، وأكثر الأسماء الواردة في النقوش ثنائية وثلاثية.

* وردت أسماء أربع نساء فقط في نقوش طريق الحج الشامي المنشورة في هذه الأطروحة وعددها ثلاثمائة نقش.

* استخدمت الكنى في أسماء أصحاب النقوش أو أسماء آبائهم أو أجدادهم إذا كان الشخص أو أبوه أو جده مشهوراً بكنيته لا بأسمه، وجميع الكنى نسبتها للذكور من الأبناء والآباء باستثناء شخص واحد وردت كنيته منسوبة إلى ابنته، وهو (أبو مريم) الوارد في النقش رقم (3).

* اشتملت النسبة الواردة في النقوش على نسبة لقبيلة، كالعذرى والثقفي والطائي، ونسبة لبلد كالمديني والأيلي والشامي، ونسبة لأسرى كالزبيري والجعفري والعزيزي، ونسبة لجماعة كالأنصاري.

* وردت أسماء أربع مدن وبلدات في نقوش طريق الحج الشامي جميعها في بلاد الشام، وهي: بيت رأس، ودمشق، والرقة، وقنسرين.

* انحصرت الظواهر الإملائية في نقوش طريق الحج الشامي في: رسم الهمزة إذا وقعت في بداية الكلمة محققة في صورة ألف مستقيمة، وكتابتها على قياس تخفيفها في اللفظ إذا كانت متوسطة أو حذفها تماماً، ورسم الهمزة المتطرفة في صورة ألف مستقيمة، وعدم استخدام شكل رأس العين للدلالة على الهمزة، وتنفيذ تنوين النصب على شكل ألف لحقت آخر الكلمة، وكتابة كلمة مئة بصورة: (مائة) و(مئة)، وزيادة واو في طرف كلمة عمرو، وحذف همزة الوصل الممثلة بألف من كلمتي (ابن) و(ابنة) وإثباتها، وإدغام نون أن المصدرية في (لا) النافية وعدم إدغامها، وكتابة التاء المتطرفة المربوطة المتصلة تاء مفتوحة في بعض الكلمات، وكتابة الألف المتطرفة في أخر بعض الأسماء والأفعال ألفاً ممدودة بدلاً من مقصورة، وحذف المد بالألف من وسط الكلمة، وحذف المد بالواو من وسط الكلمة، وحذف الألف من (يا) النداء.

* غالبية نقوش طريق الحج الشامي كتبت بالخط الذي اصطلح على تسميته بالخط الكوفي البسيط الخالي من الزخرفة، ويمكن إطلاق مسمى الخط الحجازي على خطوط عدد محدود من هذه النقوش التي يعود تاريخها إلى بداية القرن الأول كنقش زهير المؤرخ بسنة 24هـ، كما توجد نقوش أخرى قليلة كتبت بخط كوفي مزخرف ومورق محتملة التأريخ بالقرنين الثالث والرابع للهجرة. غالبية نقوش طريق الحاج الشامي تتصف بتواضع مستوى خطوطها، وقليل منها يظهر عليه الإتقان والتجويد وجمال الخط.

* تلاحظ ظاهرة الجمع بين الحروف اللينة واليابسة في كتابة النقش الواحد في عدد كبير من نقوش طريق الحج الشامي، وخاصة المؤرخة بالقرن الأول الهجريو المحتملة التأريخ بذلك القرن.

* يتراوح عدد الأسطر في نقوش طريق الحج الشامي بين سطر واحد وعشرة أسطر وغالبية النقوش تتكون من سطرين.

* معظم نقوش طريق الحج الشامي أسطرها غير متساوية في الطول كما يختلف عدد الكلمات المنفذة في كل سطر، فبعضها احتوى كلمة واحدة وبعضها الآخر الآخر احتوى كلمتين أو ثلاثة أو أربعة أو أكثر، وقد تصل كلمات السطر الواحد إلى عشر كلمات.

* يلاحظ عدم انتظام بدايات الأسطر ونهاياتها في معظم نقوش طريق الحج الشامي، واختلاف حجم المسافات المحصورة بين كل سطر وآخر. وقد تتقارب الأسطر وتتداخل الحروف، ويتحكم في ذلك ظروف المكان المنفذ عليه النقش ومهارة المنفذ.

* نفذت الأسطر في بعض النقوش بشكل أفقى منتظم، وفي بعضها الآخر انعدمت هذه الخاصية فمال السطر إلى مستوى السطر الذي يليه.

* تختلف المساحات المنفذة عليها النقوش حسب ظروف المكان، فهناك نقوش كتبت على مساحة واسعة تصل إلى مترين طولاً ونصف المتر عرضاً، وقد تصغر المساحة المنفذ عليها النقش لتصل إلى أقل من ذلك بكثير.

* يتراوح طول الألفات واللامات في نقوش طريق الحج الشامي بين 4 مم و21سم.

* معظم نقوش طريق الحج الشامي محزورة حزاً سطحياً، ويتراوح عرض الحز في الحرف بين 0.5 سم و 3سم.

* معظم الصخور التي نفذت عليها نقوش طريق الحج الشامي من نوع الأحجار البازلتية التي تغطيها قشرة سطحية سوداء أو بنية داكنة، وقليل منها من نوع الأحجار الرملية.

* استخمت التجزئة الحرفية والمقطعية في نقوش طريق الحج الشامي في الأسماء والكلمات، ولم تسر على قاعدة ثابتة، وإنما وفقاً لظروف المساحة الصخرية المنفذ عليها النقش.

* استخدمت نقط الإعجام في عدد من نقوش طريق الحج الشامي (22 نقشاً) منها (18 نقشاً) يعود تاريخها إلى فترة القرن الأول الهجري، وقد ظهرت النقط على هذه النقوش بصورها الثلاثة: المفردة والثنائية والثلاثية، وجميعها أخذت شكلاً دائرياً مسدود الوسط.

* تضيف نقوش طريق الحج الشامي المؤرخة المنقوطة، نقشين على درجة كبيرة من الأهمية إلى قائمة النقوش المنقوطة المعروفة من قبل، وهما: نقش زهير المؤرخ بسنة 24هـ (النقش رقم 1)، ونقش عفير بن المضارب المؤرخ بسنة 83هـ (النقش رقم 4).

* وجود نقط إعجام على عدد من حروف نقش زهير المؤرخ بسنة 24هـ يشكل دليلاً أثرياً مادياً جديداً يدعم ما يرد في المصادر المكتوبة عن استخدام المسلمين لنقط الإعجام في الكتابة على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم وعهد الخلفاء الراشدين، وتأتي أهمية هذا الدليل من كون نقش زهير أقدم نقش إسلامي مؤرخ، وثاني وثيقة كتابية مؤرخة ومنقوطة بعد بردية أهناسيا المؤرخة بسنة 22هـ، والتي تحمل نقط إعجام بدورها.

* تخلو جميع نقوش طريق الحج الشامي من نقط الإعراب (نقط الشكل) وهي بذلك لا تختلف عن بقية النقوش الإسلامية الصخرية التي وجدت في الأماكن الأخرى داخل المملكة وخارجها.

* انحصرت أهم الخصائص الزخرفية في نقوش طريق الحج الشامي في: المشق وهو مد بعض الحروف وإطالتها، والاستمداد البسيط، والاستمداد المقوس، والتعريض في هامات الألفات واللامات وأطراف الحروف، والتوريق، واستخدام زوائد متدلية في عراقات بعض الحروف.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق